bio-rani

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يحتوي هذا المنتدى على مواضيع علمية قيمة وجميلة


    صدأ الدماغ

    Areej youssef
    Areej youssef


    المساهمات : 3
    تاريخ التسجيل : 17/02/2010
    العمر : 30

    صدأ الدماغ Empty صدأ الدماغ

    مُساهمة  Areej youssef الجمعة مارس 26, 2010 9:16 am

    قوانين الإزاحة ، و فيزياء النسيان البشري .



    في هذا الزمن المتطّور ، و مع مواكبة الإنسان للحضارة التي يفرضها التاريخ عليه ، سنجد أن هنالك فروقاً شاسعة بين الإنسان القديم البدائي والإنسان الذي غزى عصر الكمبيوتر و لغات البرمجة حتى تمكّن من خلق آلة الكترونية منقادة لكل أوامره دُون اللجوء إلى أبناء جنسه لإنهاء عملاً ما . و مع ازدهار العلوم التطبيقية بشتّى أنواعها ، أصبح الإنسان بكامل تصرفاته و طبيعته و أفعاله تحت الدراسة النظرية التي تُؤهل طلابها إلى فهم هذا المخلوق ، و كيفية نشأته ، و عن ماذا تبحث فطرته لكي يعيش بأمان ، و ما هي الأمراض التي قد تفتك بصحته و ما هي السُبل لعلاجها .


    لقد بدأ الإنسان بتطوير نفسه ، و بدأ بالولوج إلى أعماقه باستخدام تلك العلوم المتطورة التي استنتجت بواسطة عقله ، و بدأ بكتابة ما توصّل إليه حين اكتشف لكي يأتي من هُم بعدهِ و يسيروا على ذات النهج التطويري حتى يرتقي الإنسان بذاته ، فترتقي حياته ، و ترتقي معه الحضارات التي تُجّسد الفكر البشري المثقف في أحسن صُوره .


    سأتحدث ( جهد تحليلي من ماجد ) هنا عن فكرة النسيان البشري من منظوري الخاص ، و ما علاقة النسيان بالفيزياء الطبيعية ، و لماذا ينسى دماغنا الكثير من الأحداث . ما هو النسيان ؟


    سنجد الكثير من التعاريف لهذه النعمة التي قد نجهل جوهرها الثمين ، النسيان باختصار هو الطريق الأمثل لمُعاودة الوقوف بعد تعّثرٍ أصابنا في حياتنا ، هو الدرب الذي يحيك الأمل في رداء أرواحنا ، هو الوسيلة التي يتّخذها الدماغ ليّمرر الراحة النفسية في أوردة صاحبه .


    تعّددت التعاريف و الفكرة واحدة ، بإمكاننا أن نلّخص معاني النسيان بشكلٍ فيزيائي بأنه “حالة طبيعية تُصيب الإنسان و تُفقده بعض البيانات العقلية بشكلٍ مُؤقت حتّى يأتي المسّبب ليُعيد البيانات إليه ” . هذا المسّبب قد يكون موقف مُشابه للحالة التي تمّ نسيانها ، أو شخصية تُحاول استرداد البيانات المنسيّة مع من نساها ، و ما إلى ذلك من مسّببات قد تُعيد وعاء البيانات للدماغ من جديد بعد تلاشي الكثير من ملامحها لدى صاحبها .


    فيزيائياً ، إذا كنّا نملك وعاء له حجم معيّن ، و بدأنا بسكب الماء به حتى يمتلئ تماماً ، سنجد مع آخر قطرة تمّ وضعها بأن هذه هي ( الكميّة الأقصى ) التي يستوعبها هذا الوعاء ، بمعنى آخر ، إذا تمّ إضافة أيَّ كميّة أخرى ستبدأ بالخروج من الوعاء من تلقاء نفسها في عملية تُسمّى بالإزاحة .


    في المقابل ، أرى أن الدماغ البشري يسير على هذه الصورة تماماً ، إذ أنه يستقي الكثير من البيانات بطبيعته التحليلية العصبية ، و مع ازدياد عُمر هذا الإنسان ، يبدأ الدماغ بفقد الكثير من مساحته التي كان يتمتع بها بشبابه و سيُصبح معّرض للنسيان ، هذا النسيان قد يأتي من زخم الأحداث التي يحملها دماغ هذا الشخص و ربما يأتي من مرض أحّل به أو ضربة أخّلت بوظائفه الطبيعية في المخلوق البشري .


    إذاً ، نستطيع – افتراضاً – أن نصنع بيئة نسيان طبيعية و مجهّزة بالكامل لخلق إزاحة في هذا الدماغ البشري ، بإمكاننا أن نتطوّر مستقبلاً لأن نصنع إزاحة جزئية طبيعية لبعض المشاهد المكتسبة لدى أدمغتنا ، لكن السؤال الأصعب يفرض نفسه الآن : كيف نربط ما بين النسيان و الإزاحة الجزئية بالطبيعة البشرية و دون تدّخل الطب أو أي عوامل أخرى ؟


    نحن نعلم بأن زيادة الأحداث و المواقف تُشغل الدماغ البشري برصدها دون أن يلجأ لقراءة الوقائع السابق حفظها في هذا الدماغ ، و بناءً على الكلام السابق بإمكاننا أن نخلق فرضية تنص على : ” كلّما ازداد انشغال الدماغ البشري بما حوله بشكل أكبر كلّما تناسى النظر إلى ما رُصد بالسابق ” . ومن هذه الفرضية أستطيع أن أقول بأننا سنصبح قادرون على النسيان كلّما خلقنا بيئة أكبر لدماغنا ، و وفقاً لقوانين الفيزياء ، أستطيع أن أشّبه ما يحدث بسكب المزيد من المياه على خزّان معبئ بالكامل ( 1 ) ، و عملي هذا يُؤكد خروج نسبة كبيرة من المياه المحفوظة به ، و لكني أواجه مشكلة جديدة في الخطوة السابقة ، كيف سأتمكّن من معرفة نوع المادة المُزاحة للخارج ؟ هل هي الباقية مُنذ زمن في هذا الوعاء أم أنها الجديدة ؟


    و للإجابة على السؤال السابق ، سأكون ممتناً لقوانين الطبيعة التي أوجدت الصدأ و التآكل و التي ستساعدني في فرض إثبات قد يكون صحيحاً لأجيب على ما طُرح سابقاً ، الصدأ عبارة عن تلاشي طبيعي يصيب الحديد مثلاً و يبدأ بالتزايد كلما توفرت له البيئة المساعدة كالرطوبة و نوعية السطح و ما إلى ذلك حتى يتلاشى ذلك الحديد تماماً . سأقيس على هذا المثال ما يحصل للدماغ حين أشّبه المواقف البشرية بالحديد ، و أشبه بيئته المساعدة بمرض الإنسان الحامل لهذا الدماغ ، و لنقوم باستبدال كلمة صدأ ( بالنسيان ) ليُصبح نص الفكرة كالآتي : النسيان عبارة عن تلاشي طبيعي يصيب المواقف البشرية و يبدأ بالتزايد كلما مرض الإنسان حتى يتلاشى هذا الموقف البشري تماماً !


    لنفترض بأن النظرية السابقة تنطبق تماماً على المواقف التي نمر بها كبشر ، هذا يعني أن طبيعة نسياننا تتم بشكلٍ تصاعدي ( ننسى المواقف الأقدم فالأحدث ) ، ومن هذه الطبيعة أستنتج بأن المواد التي ستُزاح في الخزان المعبئ بالماء بالمثال ( 1 ) هي المواد الأقدم أولاً و ذلك لأنها الأقرب للتلاشي من غيرها من المواد الحديثة في وعاء دماغنا الطبيعي .


    و من جميع الفرضيات المطروحة نستنتج بأن النسيان كميّة متجهة تملك اتجاه و قيمة محددة تختلف من شخص لآخر ، ربما يحمل الإنسان الأول دماغاً بإمكانه أن يرصد كافة أحداث حياته الطويلة دون أن يتعرض للتلاشي التام ، و ربما يُصاب البعض بقلّة خزانه المعلوماتي مما يُؤدي إلى نسيانه السريع لما دار من حوله ، و لهذا أنصح الجميع بالإبتعاد عن المثبطات التي تؤرق عمل الدماغ ، للإستزدة حول صحة الدماغ البشري اقرأ : المخ المعجزة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 1:37 pm